عبدالرحمن المحسني
عبدالرحمن المحسني




قاسم حداد
قاسم حداد




أحمد الملا
أحمد الملا
-A +A
علي فايع (أبها) alma3e@
طالب الناقد والأكاديمي في جامعة الملك خالد عبدالرحمن المحسني بقتل قصيدة النثر، وأضاف في مداخلته في ملتقى قراءة النص بأنّ الحلّ للخروج من قلق التجنيس لن يكون إلا بقتل قصيدة النثر؛ لأنها كما يقول الوحيدة والأولى التي شقت عصا التجنيس.

واستند المحسني في رأيه هذا إلى مقولة سوزان برنار التي تقول فيها: إن قصيدة النثر نصّ عابر للأجناس.


وأكد المحسني على أننا سنستمر في قلق التجنيس، نطعن قصيدة النثر في المساء ثم نأتي في جلساتنا النقدية فنتناول هذه القصيدة ونحللها، وهذا يعني إيماناً مبطناً منا بأنها قصيدة تستحق أن يُنظر فيها وأن تدرس.

ويبدو أنّ هذا الرأي يدخل ضمن الحنق الأكاديمي المستعر حول قصيدة النثر، التي أثبتت العديد من التجارب الكتابية الناجحة تجاوزها الحدود الجغرافية في الخليج العربي إلاّ أنها لم تقنع بعض نقاد الأدب ودارسيه في الجامعات السعودية، ولعل الدكتور عبدالرحمن المحسني واحد من أولئك النقاد والأكاديميين الذين لم ترق لهم قصيدة النثر ولا شعراءها !

هذا الرأي علق عليه الشاعر البحريني قاسم حداد لـ«عكاظ» بقوله: إنه يستغرب أن أحداً لا يزال يتكلم عن (قصيدة النثر).

وتساءل حداد عن ما أسماه العنف في حقل الأدب، وأنه يخشى أن يأتي من يقترح قتل الشعراء !

وأكد حداد على أنّ «سوزان برنارد» قالت إنها (عابرة) للأجناس، وليست (قاتلة) لها، وأضاف، إن من يدعو الى القتل يتوجب تفاديه فقط، فالشعوب تعاني من (تجنيس) آخر، أمّا الشعر فله من يحميه !

فيما اكتفى الشاعر أحمد الملا بقوله: هذا أتخيله قادم من عصر الصحوة التحريضي.. أن يهدر دم القصيدة.. لأنها مختلفة معه !

أما الشاعر إبراهيم زولي فقد عدّ الحديث عن المعركة بين القديم والجديد في زمن الانفجار المعلوماتي ضربا من العبث، وأكد على أنّ ما شهدته ساحتنا الثقافية من صراعات منتصف الثمانينات وما تلاها من القرن المنصرم، من قبل تيار متشدد اتخذ من عناوين الخيانة والعمالة شعارا لكثير من طروحاته، ووصم كلّ جديد ومتمدّن بالكفر والزندقة بأنه نزال لم يكن نبيلا، ولم يسْع للحقيقة، وينشد الصواب، وكلّ ما كان يرمي إليه هو إسقاط الآخر، وإقصاء كلّ صوت ليس صدى لصوته. والذي يقرأ المشهد جيدا يدرك أن ذلك التشدّد كانت غايته، محاربة الأصوات الجديدة، وكلّ آخر مختلف عنه لغة ورؤية. ذلك التطرّف من قبل بعضهم، بلغ تخوما جدّ خطيرة، حيث وصل إلى محاربة أبناء الوطن، وتدمير مدخراته، كان إرهابا فكريّا إن صحّتْ التسمية، في تلك المرحلة التاريخية من مشهدنا الثقافي أواسط الثمانينات، غير أن ذلك زمن ولّى إلى غير رجعة. وأشرقت سلالة من الأصوات النديّة، تكتب بلغة طازجة، لغة تغمس أصابعها في ماء الحياة، وإن كان نائيا في قعر أليم، غير مكترثة بشيء سوى صوت الذات، بصفتها مركز العالم.

وأضاف زولي أن قصيدة النثر حضرت كواحدة من تجليات المرحلة، تلك القصيدة التي تقدمّتْ للمتن، فيما تراجعت نصوص التفعيلة والعمودية إلى الهامش، في مفارقة لا تشبه إلا لغتها وشعريتها، أعني قصيدة النثر.

وتساءل زولي: أما آن لنا أن نفطن أنّ عجلة التاريخ لا تسير إلا للأمام، وأننا لا يمكن أن نعيش في جزر معزولة، بعيدا عن صخب العالم، وموسيقاه الهادرة في زوايا غرفنا. إذا كانت اللحظة الأدبية خلال العقدين الأخيرين تسعى إلى تداخل الأجناس في نص واحد، نص يمزج بين المسرح والسينما والرواية والشعر، بينما لا يزال منّا من ينظر بعين المريب لكلّ نص خارج عن السائد والأعراف الأدبية، لا لشيء إلا لأنه لم يسر في ركاب الخيل.

هؤلاء بكلّ أسف يعتقدون أنهم ينتصرون للغة، فيما هم يضربون تراثنا العربي في مقتل، تراثنا المتنوع والغني في كلّ نماذجه وفنونه المعرفية.

على هؤلاء أن يتعلموا التحرر من عدوانيتهم، أكثر من عدوانيتهم للقصيدة، القصيدة التي لم تعد قولا عالي النبرة، ولا برنامجا إذاعيا على نحو «ما يطلبه المستمعون». القصيدة هي السلاح المثالي لمقاومة العزلة والطغيان.